طائرات القتال الروبوتية

في السابق، كانت مجرد نماذج اختبارية لا أكثر.. واليوم، باتت حقيقة واقعية تشارك في تنفيذ المهام الموكلة اليها على أكمل وجه، وفي القريب العاجل ستخوض هي المعارك الجوية لتمهد السبيل للطائرات الأخرى التي يقودها بشر، بعد أن تدرأ الخطر عنهم. انها طائرات القتال غير المأهولة. انها الروبوتات الطائرة، التي كانت في ما مضى خيالاً في السينما، وما لبث أن تحول الى واقع ملموس. في موضوع هذا الأسبوع لا بد من الخوض في تكنولوجيا تعد خرقا في عالم الطيران والملاحة الجوية، وكيف بدأت الدول العظمى تتهيأ للتزود بها في الصفوف الأمامية وكيف لهذه التكنولوجيا أن تغير من مجرى الحروب القادمة».
يتزايد عدد الطائرات غير المأهولة هذه الأيام، فقد أدت حربا أفغانستان والعراق الأخيرتين الى تصاعد الطلب على أحد أكثر أسلحة البنتاغون دقة وتكنولوجية وفتكاً، خصوصاً النوع القتالي منها، وقد ضاعف البنتاغون خلال الأشهر الماضية، ترسانته من تلك الأسراب الجوية الروبوتية التي يتم تشغيل البعض منها من قبل طيارين على الأرض داخل مراكز قيادة متمركزة بالولايات المتحدة الأميركية نفسها. وتعكف المصانع الجوية في الوقت الحالي على تطوير جيل جديد ومتقدم من تلك الطائرات القتالية غير المأهولة، تمتلك القدرة على التخفي عن الرادار ولها قدرات أكبر على المناورة وقيادة نفسها بنفسها وتمييز الأهداف.
مراحل التطور
شكلت مرحلة الستينات من القرن الماضي مرحلة التطوير والأبحاث لجدوى انتاج الطائرات المقاتلة غير المأهولة، وقد كان يتردد في تلك الفترة من أن المرحلة التي ستلي الستينات ستكون للطائرات المقاتلة غير المأهولة وأن الوقت قد حان للطيارين البشريين للتقاعد والمكوث أرضاً، لكن أياً من ذلك لم يحدث، والسبب بكل بساطة يرجع لعدم توفر التكنولوجيا الحاسوبية آنذاك، ولم تكن الثورة الرقمية قد ظهرت وقتها، فأجل الموضوع الى اشعار آخر وتم تجميده. لكن قبل ذلك في عام 1944 كان الألمان قد طوروا مركبات جوية غريبة يتم التحكم فيها عن بعد تعمل كأهداف تضليلية، وكذلك الحال بالنسبة للولايات المتحدة حيث كانت شركة راديو بلاين تنتج طائرات من دون طيار يمكن التحكم فيها لاسلكياً وتعمل كهدف للرماية. وبعد تلك المرحلة تحدثت تقارير غير رسمية عن استخدام طائرات اختبارية من دون طيار لقصف أهداف معادية فوق لبنان أثناء الحرب في الثمانينات. أما المنعطف الكبير بالنسبة لهذه التكنولوجيا فقد بدأ في عام ١٩٩١ وأثناء حرب تحرير الكويت من احتلال النظام العراقي البعثي البائد آنذاك، حينما استسلمت وحدة من الجنود العراقيين لطائرة بايونير للاستطلاع من دون طيار في سابقة لم تحدث من قبل، فقام المصممون بعد ذلك بعشر سنوات بتعديل طائرة بريديتور للاستطلاع والتجسس من دون طيار لتحمل صواريخ مضادة للدروع من نوع «هيلفاير» وكان أول اختبار عملاني لهذه الطائرة ضد عميل لتنظيم القاعدة عام ٢٠٠٣، كان يتنقل بسيارة خاصة باليمن ، حيث تمت تصفيته بواسطة تلك الطائرة لتتحول الأنظار نحو فعالية تلك الطائرات للاستخدام القتالي مع دورها في الاستعمال الاستطلاعي. ;
أهميتها
يرى المحللون في المجال العسكري أهمية قصوى لطائرات القتال غير المأهولة من الناحية الميدانية القتالية، فحتى وقت قريب لم تكن تلك التقنية سوى مكمل قتالي، أما اليوم فانها تتخذ طابعاً أساسياً فعالاً وازداد الطلب عليها حتى على النماذج الأصلية البدائية «كالبريديتور» ذات الدفع المروحي التوربيني والبطيئة الحركة ومحدودة المناورة، فظهرت نماذج نفاثة ستدخل الخدمة مع مطلع العقد المقبل، ومن شأن هذه الطائرات الذكية أن تقلل من حجم الخسائر في صفوف الطيارين حيث ستقوم هي بشن الغارة الجوية الأولى على العدو وضرب الأهداف الخطرة والمحمية بشبكة دفاعية كثيفة دون الخوف من خسارة العنصر البشري اذا ما أسقطت، فهناك المزيد منها، مما سيرهق العدو، وما ان يتحقق تدمير الهدف بواسطتها فان الطائرات المأهولة ستعمل بحرية أكبر وستشن غاراتها بمطلق الحرية من دون خوف. كما أن الطائرات القتالية غير المأهولة لا تعرف الكلل، بعكس الطائرات الأخرى التي يقودها بشر، والتي تقل فعاليتها بسبب انهاك طياريها الذين يتطلب منهم العودة أحياناً الى قواعدهم لاستبدال طيارين آخرين بهم، أما الطائرات القتالية غير المأهولة فيمكنها العمل بكامل طاقتها لساعات طويلة مما يرفع من قيمتها القتالية.
الجيل القادم
يتم تطوير طائرة قتال غير مأهولة أو روبوتية ان صح التعبير حيث ستعمل بشكل ذاتي تماماً، لمصلحة سلاح البحرية الأميركي للعمل من على حاملات الطائرات، يطلق عليها X-47 – بيغاسوس من صنع شركة نورثروب ــ غرومان الأميركية وكانت بوينغ تتنافس معها بنموذجها X-45 الذي يعتبر أول طائرة قتال روبوتية غير مأهولة حقيقية وحلقت أول مرة في عام ٢٠٠٢، وألقت قنابل ذاتياً وحلقت في تشكيل جوي مع نموذج آخر من النوع نفسه وتعد هذه سابقة بحد ذاتها، لكن البحرية الأميركية وقع اختيارهم على X-47 حيث وجدوا أنها الأنسب من ناحية الحجم والشكل، وسيحلق هذا النموذج في العام القادم على أن يتم اختبار هبوطه على سطح حاملة الطائرات لاول مرة في عام ٢٠١٢، وبعد ذلك سيدخل الخدمة ليشكل نواة أسطول القتال للقاذفات في العقد الذي يليه.
مستقبل واعد
مما لا شك فيه أن الجيل القادم وتحديداً الجيل السادس من طائرات القتال سيكون من فئة الطائرات غير المأهولة القادرة على العمل بشكل ذاتي ومستقل، وقد تزايد حجم الانفاق على تطوير تلك الطائرات واختبارها من قبل المصنعين ليصل الى نسبة ٥٠٪ وخصوصاً أنها ذات كلفة أقل من تلك التي يقودها بشر لأسباب تقنية عدة تتعلق بنظم الدعم والاعاشة وغيرها نتيجة وجود العنصر البشري، لكن العنصر البشري سيظل مشرفاً على سير العمليات الحربية التي ستقوم بها تلك الطائرات الروبوتية، وحتى وقت متأخر سيتحتم على البشر القيام بالقتال الجوي فيما بين الطائرات حيث ان هذه المهمة ستحتاج الى زمن طويل كي يناط بالطائرات الروبوتية أداؤها.
«الكورمورانت» طائرة تنطلق من غواصة
تعتبر طائرة كورمورانت CORMORANT، التي تطورها حالياً شركة لوكهيد مارتن، أول طائرة قتال غير مأهولة ستنطلق من غواصة تحت الماء لتنفيذ مهام قتالية ضد أهداف معادية والعودة مرة أخرى بواسطة مظلات الى الماء، لتلتقطها الغواصة مرة أخرى. وهذه الطائرة، اذا ما تم انتاجها، ستحدث ثورة حقيقية في الطيران العسكري والبحرية، فعنصر الخفاء سيتضاعف نظراً لقدرة الغواصات على التخفي والعمل بسرية تامة.
الروس يطورون طائرة قتال روبوتية
يطور الروس، عبر شركة ميغ الشهيرة، طائرة مقاتلة قاذفة غير مأهولة أطلق عليها «سكات»SKAT ذات قدرة على التخفي عن الرادار وتزن ١٠ أطنان ويمكنها حمل طنين من حمولة الأسلحة، ويبلغ مدى التحليق الأقصى للطائرة ٤ آلاف كلم، كما تطور الصين وفرنسا والسويد وايطاليا هي الاخرى طائرات مقاتلة غير مأهولة.

</SPAN>
<table><tr><td></TD></TR></TABLE>